الأثرياء في العالم يتجاهلون الصراعات في الشرق الأوسط ويراهنون على دبي وأبوظبي

Thursday, August 07, 2025

الأثرياء في العالم يتجاهلون الصراعات في الشرق الأوسط ويراهنون على دبي وأبوظبي

 

الأثرياء في العالم يتجاهلون الصراعات في الشرق الأوسط ويراهنون على دبي وأبوظبي



في مكاتب مجموعة “آبي رود للاستثمار” في دبي، لا تتوقف المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني من مختلف أنحاء العالم.

 الاستفسارات تأتي من عملاء محتملين في الهند والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وإفريقيا، بل حتى من البرازيل.

 جميعهم يسعون لإنشاء مكاتب عائلية في دبي وأبوظبي، الإمارتين التوأم اللتين توفران حماية لثروات الأثرياء دون ضرائب على الدخل أو الميراث.

 هاتان المدينتان، وهما جزء من دولة الإمارات العربية المتحدة، أصبحتا وجهة لا تقاوم لأغنى أغنياء العالم.

 الأوروبيون يتوجهون إلى الخليج بحثًا عن ملاذ من الاضطرابات الاقتصادية، بينما بدأ بعض الأثرياء الصينيين بالنظر إلى ما بعد المراكز التقليدية المفضلة مثل سنغافورة.

 كما أصبحت الإمارات خيارًا مفضلًا للعديد ممن انتقلوا من المملكة المتحدة، بعد أن ألغت الحكومة هناك الإعفاءات الضريبية للمقيمين غير الدائمين.

 ورغم تصاعد المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط، التي ظهرت مؤخرًا بوضوح بعد تبادل إسرائيل وإيران لإطلاق الصواريخ، يستمر الأثرياء في الاستثمار في الإمارات.

 فمع أنها لم تتأثر مباشرة، إلا أن موقعها الجغرافي يجعلها قريبة جدًا من إيران.

 ومع ذلك، يواصل الأثرياء الرهان على هذه الدولة الخليجية.

 يقول “أرجون ميتال”، مؤسس شركة آبي رود، إن عملاءه يفضلون الإمارات بسبب موقعها الجغرافي الوسيط بين الشرق والغرب، ومزاياها الضريبية، ونظامها المالي سريع التطور.

أضاف: “لم نلاحظ أي تباطؤ بسبب النزاع الإقليمي، بل على العكس، هذا يعزز موقع الإمارات كمركز استراتيجي محايد”.

 يُقدَّر أن مركز دبي المالي العالمي يحتضن كيانات عائلية تدير أكثر من 1.2 تريليون دولار، مع ارتفاع عدد هذه الكيانات بنسبة 33% ليصل إلى 800 كيان العام الماضي.

 تدفق الثروة هذا يدفع أسعار العقارات الفاخرة في دبي نحو الارتفاع لعام آخر، كما يغذي قطاع صناديق التحوط المتنامي. يحتضن مركز دبي المالي أكثر من 70 صندوق تحوط، فيما تستضيف أبوظبي المجاورة عمالقة مثل Brevan Howard وMarshall Wace.

 راي داليو، مؤسس Bridgewater Associates، الذي يزور الإمارات منذ 30 عامًا وأنشأ مكتبه العائلي في أبوظبي عام 2023، أشار إلى أسلوب الحياة المتعدد الجنسيات في الإمارات وتوسعها في مجالي التمويل والذكاء الاصطناعي، قائلاً:

 “الدولة تشهد زخمًا متزايدًا، فبينما تتدهور أماكن أخرى، تتحسن هي بسرعة، ما يجعل التباين أكثر وضوحًا”.

 هذا العام، من المتوقع أن تستقطب الدولة حوالي 9800 مليونير جديد، وهو أكثر من أي دولة أخرى، بحسب تقديرات Henley & Partners.

 تشير البيانات الأولية إلى أن التوترات الإقليمية لم تثنِ الأثرياء. فقد سجلت أسعار العقارات الفاخرة في دبي – التي تفضلها العائلات الأجنبية – أرقامًا قياسية في الربع الثاني. وفي الشهر الماضي فقط، رحب مركز أبوظبي المالي بـ 267 كيانًا جديدًا، تتنوع بين شركات ومكاتب عائلية. وذكر متحدث باسم المركز أن هناك خط أنابيب قويًا لبقية العام.

 رغم ذلك، تبقى المخاطر الإقليمية قائمة. 

فالإمارات حليف للولايات المتحدة وتستضيف آلاف الجنود الأميركيين. 

وبعد أن قصفت الولايات المتحدة منشآت نووية إيرانية الشهر الماضي، هددت طهران بضرب المصالح الأميركية وأطلقت صواريخ على قاعدة أميركية في قطر المجاورة، دون وقوع إصابات.

 أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لاحقًا عن وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران، لكن لا تزال هناك شكوك تحيط ببرنامج إيران النووي.

وقال روبرت موغييلنيتسكي، الباحث المقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن:

 “الطائرات المسيّرة والصواريخ في المنطقة لم تستهدف خزائن الأفراد الآمنة بعد، لكن لا شك أن ضربة كبرى ناجحة لمحطات التحلية أو المطارات تُبقي المسؤولين الحكوميين مستيقظين ليلًا. أعتقد أن هذه التهديدات تندرج تحت فئة المخاطر ذات الاحتمالية المنخفضة والتأثير العالي”.

وللتحوط من المخاطر، يميل الأثرياء الأجانب إلى وضع جزء فقط من أصولهم في الإمارات وتنويع استثماراتهم عالميًا، حسب موغييلنيتسكي، الذي أضاف:

 “الإمارات عادة ما تكون جزءًا من حزمة خيارات عالمية تنشئها المكاتب العائلية”.

 إن تدفق الأموال الجديدة، إلى جانب المليارات المحتفظ بها من قبل العائلات المحلية، يغذي تطورًا متزايدًا في قطاع الخدمات المصرفية الخاصة في الإمارات، حيث توسعت بنوك مثل Barclays وDeutsche Bank وBank of Singapore.

 وقد شهد بنك Barclays نموًا مزدوج الرقم في عدد المكاتب العائلية التي يخدمها في الإمارات، ونقل موظفين من الخارج، بحسب ماتياس غونزاليس، الرئيس الجديد للاستثمارات في بنك Barclays في سويسرا ودبي، الذي قال في مقابلة:

 “الإمارات سوق استراتيجي مهم لنا، ليس فقط بسبب الثروات المتولدة محليًا، ولكن أيضًا بسبب الهجرة الضخمة إلى البلاد التي كانت ناجحة للغاية”.

 في شركة M/HQ الاستشارية ومقرها دبي، قال الشريك الإداري يان مرازك إن واحدًا من كل خمسة مكاتب عائلية يتم إنشاؤها لديهم إما صيني أو له صلة بالصين.

 وفي مكان آخر، باعت عائلة صينية تدير مكتبًا لعدة مليارديرات معظم أصولها المالية في الولايات المتحدة بسبب المخاوف من الركود هناك، وقررت تخصيص جزء كبير من العائدات إلى دبي هذا العام، بينما تدرس أيضًا خيارات في آسيا، وفقًا لشخص مطلع رفض الكشف عن هويته.

وأضاف المصدر أن هذه العائلة كانت قد تفكّر في سنغافورة سابقًا، لكنها تراجعت بسبب التشريعات الجديدة المتعلقة بالإفصاح المالي هناك. وأشار إلى أن النزاع بين إيران وإسرائيل لم يؤثر على نظرة العائلة تجاه الإمارات، لأنهم يرون مخاطر جيوسياسية في أماكن أخرى من العالم أيضًا.

 ورغم مكاسب الإمارات، لا تزال سنغافورة مركزًا رئيسيًا للأموال الصينية والثروات العالمية. وقال متحدث باسم هيئة التنمية الاقتصادية في سنغافورة:

 “سنغافورة لا تزال تحظى باهتمام كبير من قبل المكاتب العائلية الراغبة في الوصول إلى فرص الاستثمار”.

 واختتم موغييلنيتسكي بالقول إن العديد من العائلات الثرية على استعداد لتجاهل مخاطر الشرق الأوسط بسبب الظروف الصعبة في بلدانهم الأصلية:

 “الكثير من الأفراد الذين يقفون وراء تدفق الثروات إلى الإمارات يأتون من دول تعاني من مخاطر كبيرة، سواء كانت ناتجة عن نزاعات أو غيرها. إن تحمل المخاطر هو مسألة نسبية”.

Post a Comment

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية

يمكنك مشاركة الموضوع على الواتساب من هاتفك المحمول فقط

اكتب كلمة البحث واضغط إنتري